صفقات الريال الخيالية تثير حروب الغيرة...هجوم كاتالوني على بيريس والجدال يتسع

«CR-94 http://alwatan.sy/newsimg/2009-06-15/59017/ma_141130771.jpgإنه الجنون» هكذا عنونت صحيفة الموندو ديبورتيفو الرياضية الإسبانية لصفقة انتقال كريستيانو رونالدو من مان يونايتد إلى ريال مدريد وهي الضربة الكبيرة الثانية خلال أقل من أسبوع واحد على التعاقد مع كاكا وقبل أيام قليلة من التعاقد الثالث مع ديفيد فيا، والرقمان اللذان دفعا مقابل الأخيرين لم يعد العالم يتحدث كثيراً عنهما مقابل المبلغ الخرافي الذي دفع من أجل عيون CR وهو اختصار لاسم النجم البرتغالي وبالطبع 94 الرقم الذي ورد في العنوان الإسباني هو المبلغ الذي دفع أو سيكلف النادي الملكي بالعملة الأوروبية الموحدة ليكسر رقماً قائماً منذ 8 أعوام كاملة يوم انتدب فلورنتينو بيريس صاحب العاصفة ذاته النجم الفرنسي زين الدين زيدان من يوفنتوس الإيطالي.

فاق التوقعات
لم يكن فلورنتينو الملياردير صاحب العقارات «يهبّل فمه» كما يقال برغبته العودة إلى رئاسة النادي الأبيض حتى سالت الأقلام تتوقع عودة عصر الغلاكتيكوس إلى البيت الملكي مع الوعود التي أطلقها أو لنقل لمح لها الرئيس العائد.
أي إن التعاقدات التي أنجزها بيريس ومستشاره زيزو والمدير الرياضي في برنابيه خورخي فالدانو كانت متوقعة وقابلة للزيادة مع الحديث عن نجوم آخرين وإن كانوا أقل قيمة فنية ومادية من الثلاثي الجديد الذي أصبح حكماً في عداد ريال مدريد لكن المفاجئ في الموضوع أو ما طرح الإثارة على انتقال هؤلاء نحو العاصمة وزاد من ردود الأفعال هو المقابل المادي المبالغ فيه حسب البعض وخاصة الرقم الذي دفع لرونالدو على وجه التحديد، فالنجم البرازيلي كاكا مع عدم الدخول في مدى أحقيته مبلغ 65 مليون يورو من عدمها وجدوى التعاقد مع الفنان البرازيلي فإنها كانت متوقعة وخاصة أن مبلغاً أكبر عرض على ميلان وعلى كاكا نفسه قبل أشهر من مانشستر سيتي لكن مماطلة ميلان أحياناً ورغبة اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً باللعب لناد يشارك في البطولات الكبرى وينافس عليها هو ما أفسد صفقة العمر للسيتزينز.
أما بالنسبة لديفيد فيا فإنه معروض منذ مدة بما يقارب الثمن الذي دفع فيه ولم تقدر إدارة فالنسيا أن تقف عائقاً وخاصة مع الضائقة المالية التي يمر بها النادي منذ مدة وبالتالي فإن 94 مليون يورو مقابل لاعب مان يونايتد السابق هي الصفقة التي أشعلت معارك على أكثر من جبهة في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على الرياضة ويتوقع أن يكون تأثيرها على كرة القدم أكبر مع مرور الأيام.

شيء لا يصدق
والأنكى من ذلك أن المبلغ الذي يعادل ميزانيات أندية كاملة في كبريات الدوريات الأوروبية وليس في إفريقيا أو آسيا أو في وطننا العربي دفع في وقت يحاول مسؤولو الاتحاد الأوروبي «اليويفا» إيجاد صيغة لقانون ملزم أو عقد شرفي يحد من جنون الأجور التي يتقاضاها بعض اللاعبين الصفوة وكان رأس الهرم الكروي في القارة العجوز الفرنسي ميشيل بلاتيني هاجم التبذير غير مرة وخاصة مع دخول ملاك جدد إلى الأندية الإنكليزية مطلع الموسم المنصرم في وقت تكلم رئيس الفيفا عن عبودية اللاعبين عبر العقود الطويلة الأمد.
وجاءت صفقة رونالدو لتضرب الخطوات التي سعى إليها اليويفا من جذورها وفي المهد وعبر عنها بلاتيني قائلاً: إن التعاقد مع لاعب مقابل 94 مليون يورو سيشعل أسعار السوق ولن يلجم هذه المغالاة أي حاجز.
ولم يكن بلاتيني وحده الذي هاجم هذه الصفقة التاريخية فقد عبر لابورتا رئيس نادي برشلونة عن سخطه من أسلوب تجميع النجوم الذي يتبعه غريمه قائلاً: نحن نصنع النجوم من الذين يفوزون بجائزة أفضل لاعب بينما هم يشترونهم جاهزين، ويشاطر خوان لابورتا رأي بلاتيني وبات يخشى مع رؤساء الأندية الكبرى التضخم في أسعار اللاعبين وها هي أندية بايرن ميونيخ وإنتر ميلان وحتى ويغان وليون ترفع مهور نجومها ريبيري وايبرا وفالنسيا وبنزيمه على سبيل المثال لا الحصر.
حتى الرئيس البرتغالي أدلى بدلوه متعجباً من أن يبلغ سعر لاعب كرة قدم 100 مليون فهذا يتجاوز حدود المنطق وأردف الرئيس كافاكو سيلفا: كنت أفضل لو عرفت البرتغال من خلال التجديد والحداثة والروح التنافسية.

لوحة بيكاسو
قبل عقد من الزمان اشترى أحدهم لوحة للرسام بيكاسو بمئة مليون دولار وهي التحفة الفنية التي قد لا يراها سوى العشرات أما رونالدو وسواه من النجوم ذوي الكعوب العالية فإنهم يقدمون العروض أسبوعياً مرة أو مرتين ويتحفون الملايين بفنونهم ولذلك فإن هذه الصفقة تبرهن على صحة جيدة لسوق اللعبة، الكلام الآنف الذكر هو تعليق أو فحوى ما قاله رئيس الفيفا جوزيف بلاتر عن صفقات ريال مدريد الأخيرة فاعتبرها تنعش كرة القدم.
وعلق مدرب المنتخب البرازيلي على الصفقة الأكبر في تاريخ كرة القدم بأن رونالدو لاعب كبير وهو قطعاً يستحق المبلغ الذي دفع مقابل ذهابه إلى الريال.. أما بعض الأصوات المؤيدة فقد قارنتها بصفقات اقتصادية رابحة بعيداً عن كرة القدم وصوابيتها الفنية على أرض الملعب وعلى منصات التتويج فعلى الصعيد التجاري يمكننا التأكيد بأنها صفقات رابحة بعدما فند الرئيس المدريدي بيريس الأموال الطائلة التي سيجنيها النادي الملكي جراء مجيء كاكا وفيها أن المبلغ الذي دفع مقابل النجم البرازيلي (65 مليون يورو) سيعود بأرباح كبيرة بعد عام واحد فقط.

فرحة وتوعد
أكثر الفرحين بهذه الصفقات بالتأكيد هو بيلغريني المدير الفني الجديد للريال الذي أصبح أمامه خيارات رائعة يمكنه الاستفادة منها في الموسم القادم وهو يرى فريق أحلام جديداً يسهم في بنائه، وإذا كان المدرب التشيلياني قد يواجه بعض المنغصات إذا حضر المزيد من النجوم فإن جماهير ريال مدريد على امتداد الكرة الأرضية كانت تهوج وتموج فرحاً مع الأخبار التي تأتي بالجديد والمزيد وكان تقيم الأفراح كلما سمعت عن قدوم نجم جديد وذلك بعدما ذاق الأمرين في الموسم المنصرم جراء الخسارات الكبيرة والأداء المتردي الذي قدمه لاعبو الميرنغي، ولذلك فإن مجيء كاكا ورونالدو وفيا فيما لو تم هذا الأخير وربما غيرهم كما يصرح الرئيس سيشكل فريقاً جديداً من الغلاكيتكوس الذي يعيد الفريق إلى ألقه في ظل هيمنة برشلونة المنظورة بسبب كتيبة النجوم التي ترتدي البلوغرانا والأهم العودة إلى عرش الكرة الأوروبية من باب البطولة المفضلة للريال.. إذاً فريق المجرة الذي كونه أو جمعه بيريس مطلع الألفية الثالثة عائد للظهور بوجوه جديدة لكن الأسئلة المطروحة تبقى معلقة بانتظار الموسم القادم وأهمها، ما الفائدة التي سيقدمها هؤلاء النجوم للقميص الأبيض على أرض الملعب...؟، وهل ينجح المدرب بيلغريني في إيجاد توليفة مناسبة تؤدي الغرض المطلوب...؟ والسؤال الأهم هل يعود الريال ليسود الأندية الإسبانية وهل يفك لاعبو الملكي النحس الذي لازمهم أوروبياً في السنوات السبع الأخيرة؟ حتماً سننتظر حتى نهاية الموسم القادم وربما المدة ستطول إلى الموسم التالي.